وتعتبر بعض هذه العقبات أمام الطلبة اليمنيين غير جديدة، إذ قُدر نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في فترة ما قبل الحرب بأقل من (2000) دولار سنويًّا، ما يوضح عدم إمكانية العائلة اليمنية تغطية تكاليف دراسة ولدها خارج بلاده. وما يمنح الطالب اليمني فرصة التعلم في الخارج ويعطيه أملاً في تأمين دراسته من حيث التغطية المالية هو وجود صندوق ديانا كمال للبحث عن المنح الدراسية.
وعلاوة على ذلك، فإن الاختلافات بين النظام التعليمي اليمني ونظام الولايات المتحدة. تعني أن الطالب اليمني كي يتأهل للحصول على قبول في الجامعات الأمريكية يتطلب منه الأمر إعدادًا مكثفًا وفهمًا واضحًا للمتطلبات الأولية المتوقعة من المتقدم للدراسة في الجامعات الأمريكية.
إن موظفي مركز التعليم في أمديست ومدرسيها وأعضاء هيئة التدريس (وكثير منهم من المتعلمين أو المتدربين في الولايات المتحدة) وبرامج الاختبار الدولية لديهم أهمية بالغة في هذا الصدد، فهم يوفرون إمكانية الوصول إلى النصائح والخدمات التي تعد أدوات إعداد أساسية للالتحاق بالجامعات الأمريكية. أخيرًا، فإن القيم المحافظة في اليمن تجعل من الصعب جدًا على النساء الشابات السفر إلى الخارج للدراسة. لكن في حالة هناء، سمحت عائلتها الداعمة لها بأن تحقق أحلامها.
ومع ذلك، تبدو التحديات التي واجهتها هناء في رحلتها للتعليم في الولايات المتحدة أكثر تعقيدًا بسبب الصراع الدائر في اليمن منذ ثلاث سنوات وسقوط بلدها "عدن" في يد المليشيات المتمردة. وتسبب هذا الصراع في معاناة وخسارة مؤلمة حيث أغلقت المطارات، ودُمرت المدارس، أو لم تعد تُستخدم إلا بشكل محدود، وذلك لأن المشردين داخليًا يسكنون فيها، ولم يتلقَّ الكثير من المعلمين رواتبهم. ورغم كل هذه المعاناة، استطاعت هناء الاستمرار في دراساتها في اليمن والتميّز فيها.
وهذا لا يعني انتهاء المشكلة، إذ إن الحظر المفروض على دخول رعايا أجانب من عدة بلدان بما فيها اليمن إلى الولايات المتحدة شكل عقبة جديدة. ورغم أن هناء تأهلت كاستثناء بسبب حصولها على قبول رسمي، وصدر لها نموذج I-20 من كلية دارتموث، فقد تطلب منها الأمر السفر إلى لبنان للمقابلة في السفارة الأمريكية هناك للحصول على تأشيرة دخول، والسبب في ذلك أن السفارة الأمريكية في اليمن مغلقة منذ عام 2015 نتيجة للصراع الدائر هناك.
وبفضل المساعدة التي قدمها طاقم أمديست ذو الخبرة في لبنان، تم ترتيب المقابلة بسرعة، واستطاعت هناء السفر إلى هناك. لكنها كادت تفقد الفرصة بسبب التأخير المتكرر في مغادرتها اليمن. وبفضل مساعدة طاقمنا في اليمن ولبنان الذين أعادوا الحجز لها، ونظموا مقابلة أخرى لها للحصول على تأشيرة دخول استطاعت التغلب على المشكلة. ومن دواعي سرورنا أن هناء حصلت على تأشيرة الدخول يوم 9 تموز 2018 متغلبة بذلك على آخر وأصعب العقبات. ووصلت هناء إلى الولايات المتحدة يوم 26 آب 2018، وهي الآن انطلقت في دراستها في كلية دارتموث.
لم يكن التغلب على هذه الصعاب سهلاً، إذ واجهت هناء تحديات ونكسات كثيرة وهي في طريقها للولايات المتحدة. وتثمّن هناء دور عائلتها وأصدقائها لما قدموه لها من مساعدة: "إنني أومن بأن ما جعل حصولي على المنحة ممكنًا هو نظام الدعم المتماسك الذي حظيت به من عائلتي وأصدقائي ومثابرتي والمحاولة بشكل متكرر بعد رفضي وخذلاني عدة مرات".وتضيف هناء: "أعلم أن هذا القول قد يبدو مبتذلاً، لكن عليك أن لا تستسلم بسهولة. عليك أن تتقدم بالطلب، وإن فشلت، تقدّم مرة أخرى. لا تُحبط بسبب محاولتك لأكثر من فرصة لأنك لا تعلم أيًّا منها ستؤدي بك إلى النجاح".
بالنسبة لهناء، سيفتح صندوق ديانا كمال للبحث عن المنح الدراسية فرصًا جديدةً لهذه الطالبة اليمنية الموهوبة والمجتهدة.